جنبلاط وبناء المساجد لحفظ الموحدين
د.نسيب حطيط
الربيع العربي الذي أيده النائب وليد جنبلاط زعيم الدروز الموحدين في لبنان يهدد الأقليات الدينية الصغرى والكبرى ويهدد المسيحيين والعلمانيين والظاهر أن زمن الحماية الدولية للأقليات لم يعد موجوداً فلا فرنسا الأم الحنون للمسيحيين مستعدة للقتال وتكتفي بإعطائهم تأشيرات الهجرة وأميركا عندها أولويتان النفط وإسرائيل كجزء من أمنها القومي ولذا فلن تتدخل إلا لحمايتهما.
يشعر الزعيم الدرزي وليد جنبلاط بالخطر الوجودي للدروز وهو يرى الأقليات في سوريا والعراق تتهاوى حتى الأكراد الذين تتبناهم أميركا لمصالحها في العراق والمنطقة ها هم يهجرون ويعبرون بالآلاف من سوريا إلى العدو اللدود تركيا !
الأيزيديين الذين تربطهم علاقة بآل جنبلاط والدروز والتي ظهرت بعد زيارة جنبلاط عام 2011 للعراق وأعلن عن جذوره الكردية وبعلاقة ما مع الأيزيديين الذين تعرضوا لحملة إبادة منهجية ولسبي النساء وقتل الرجال ولم يحرك العالم ساكنا، بل أن أميركا قالت أن لا حاجة لإلقاء المساعدات للأيزيديين في جبل سنجار .... يقرأ جنبلاط ذلك ويعرف أن عدد الأيزيديين في العراق يمثل ثلاثة أضعاف عدد الدروز في لبنان (750 ألف نسمة).
صرخ جنبلاط في وادي التيم المعقل الرمزي للموحدين الدروز قائلاً للمشايخ والعقال "عودوا إلى الأصول عودوا إلى الفرائض الخمس، عودوا إلى بناء الجوامع، عودوا إلى الإسلام... أصلنا مسلمون ولا يمكن أن نستمر في هذا الجهل، مهمتكم ومهمة العقال بناء مدارس خاصة لتعليم الدين الحقيقي. في الماضي كان مسجد في المختارة وسأعود أبني الجامع وجامع في دير القمر عاصمة التنوخيين أقول هذا الكلام حتى لا نكرر الخطأ.."
النائب جنبلاط لا يثق بحماية أحد ويعرف أن مصالح الدول أهم من حماية الأقليات خاصة في حروب التكفير والفوضى الهدامة التي دعا إليها جورج بوش والذي تفاخرت قوى 14 آذار بالتحالف معه ولشعاراته..
الربيع العربي يبيد الأقليات، إنه ربيع التكفيريين وربيع الذبح والسبي والإغتصاب، تظاهرت 14 آذار تأييداً للثورة السورية ورفعت أعلامها وحمت المنشقين والمعارضين لكنها الآن ترتعد وتخاف على مصيرها والثوار السوريون على مشارف القرى والبلدات ، يحملون الأحزمة الناسفة وليسوا أوفياء لمن أيدهم أو آواهم فهم يذبحون بعضهم بعضاً مع أنهم من نفس المذهب و العقيدة التكفيرية ويتبعون لنفس المرجعيات التي تمولهم (قطر-السعودية-تركيا) ...فكيف سيأمن جنبلاط و14 آذار وهم يرون الذبح للعسكريين اللبنانيين ويذبح شاب وأمه في العبادية من قبل سوريين.
يعيش الدروز على فيلق زلزالي على مستوى الجغرافيا والسياسة والعقيدة، على مستوى الجغرافيا وضعتهم خارطة سايكس - بيكو على نقطة الإلتقاء المتفجر بين الحدود اللبنانية- السورية- الإسرائيلية (بعد إحتلال فلسطين) وقسمت عديدهم القليل إلى ثلاثة أقسام تفصل بينهم الحدود مع صعوبة التوأمة بين المواقف داخل الإحتلال وخارجه، وعلى مستوى العقيدة فإنهم يحسبون بأنهم مسلمون لكن الوهابية والتكفيريين وكذلك إبن تيمية لا يعتقد ذلك ويكفرهم ولذا فهم محاصرون، أما على المستوى السياسي فهم مضطرون لإصدار الموقف السياسي المياوم، مما يحفظ الطائفة ومصالحها لعدم قدرتها على حمايتها بالقوة فتلجأ إلى المناورة السياسية وكان هذا التكتيك ناجحاً عندما كانت المنطقة شبه مستقرة والمواقف تتغير بهدوء ، أما اليوم فإن فوضى (بوش) الهدامة قلبت الموازين وحرقت المراحل ، بحيث لا يستطيع النائب جنبلاط اللحاق بالحدث وإعطاء الموقف الملائم مما إضطره للتجوال على الدروز بيتاً بيتاً وقرية قرية وتجاوز كل الخلافات السياسية ومحاولة حشد 8 و 14 آذار بمواجهة التكفيريين على جبهة شبعا وراشيا وحاصبيا.
والسؤال هل ستحمي المآذن الجديدة الوجود الدرزي في لبنان وسوريا ؟
وماذا لو زاد التكفيريون شروطهم بأن يكون الدروز على النهج الوهابي وليس على المذاهب الأربعة ؟
وهل سيواجه جنبلاط مشكلة داخلية مع المشايخ وأتباع المذهب الدرزي بإتهامهم بالجنوح على الإسلام والجهل وهل سيتقبلون ذلك ؟
لقد أضاءت فضائية العربية وموقع إيلاف على العلاقة بين الدروز والطائفة الأيزيدية في العراق و استعادت تصريحات النائب جنبلاط عام 2011 ولقائه بزعيم الأيزيديين تحسين بك جنبولاد وركزت على أن (جنبولاد وجنبلاط) من جذور عائلية واحدة... فهل كان ذلك تهديداً مبطناً للدروز في لبنان بأن مصيرهم سيكون كمصير الأيزيديين في العراق... وهل سيكون مصيرهم كمصير الأكراد في شمال سوريا ؟
التكفيريون ورعاته لا يوفون بالعهود ويمكن أن يضحوا بحلفائهم وفق مصالحهم فلا يراهن أحد على حكمة هذا الملك أو الأمير بل يراهن على قوته ووحدته مع مواطنيه وجيرانه والإلتزام بالمبادىء ودروب الحق ليبقى على قيد الحياة كريماً أو فليمت شهيداً غير ذليل.